لن أقف عاجزة بعد اليوم، أنا أنعم بالطاقة.. تُتمتم آمنة، بينما تنظر إلى كنزاتها الصوفية المعلقة على حائط العرض، هي إنجازها الأول، وتعني لها الكثير بعد مسيرة عام من التعب المستمر، متجاوزة بها آلام الحرب والعجز، لاستكمال مشروعها الذي بدأته في حياكة الصوف في قرية إسقاط بريف إدلب.
آمنة الفتاة العشرينية، لم تمنعها تحديات الواقع المرير من المشاركة في بعض النشاطات وبذل مجهود مضاعف لتعيش حياتها بكافة تفاصيلها، فهي ترى أنها يجب عليها العمل لترميم ذاكرتها بعد مشاهد الرعب التي عايشتها خلال الحرب والمرض.
تدّور عيناها بفرح وغصة بين جدران المعرض، تشير بإصبعها المنتوجات الأولى وتعود بذاكرتها إلى بداية افتتاحها وما تأملته خلالها من مساعدة بالانتقال إلى حال أفضل، اليوم وقد تحولت أعمالها إلى متنفس حقيقي لـ آمنة بعد الضغوطات النفسية التي عايشتها طيلة حياتها.
تقول آمنة لـ سوريا1 “درست المرحلة الابتدائية وأنا وكنتُ على ذات الكرسي الذي سيرافقني طيلة حياتي، تعلمت القراءة والكتابة وتوقفت عن الدراسة نظرا لصعوبة التنقل والحركة بسبب مرضي، لكن شغفي وحبي للحياة لم يتوقفا بل ازداد إصراري لأثبت ذاتي اجتماعيا، فأنا فخورة بنفسي، ولا أرى الإعاقة عائق أمام حبي للحياة”.
وعن الدعم النفسي والمعنوي الذي تلقته من محيطها تتحدث آمنة: “طيلة حياتي أتلقى الدعم المعنوي من أسرتي واصدقائي، ما شجعني على مواصلة الحياة رغم آلامها، ودفعني لأتقن مهنة حياكة الصوف ونسجها والأشغال اليدوية الفنية”.
تتابع آمنة: “مرَّ على تجهيز المعرض عام ونيف، حيث ساعدتني جمعية نبع الحياة في الانطلاقة وعرض منتجاتي التي صنعتها، فقد كان المعرض نقطة تحول فارقة في حياتي، واليوم أستطيع أن أثق بنفسي أكثر بعد عرض أعمالي من خلال مساعدة القائمين على الجمعية، والذين يهتمون ويقفون بجانب الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة في مواجهة مصاعب الحياة وتنمية قدراتهم للاستمرار في العيش بشكل طبيعي”.
لم يعد الروتين مسيطرا على حياتي تقول آمنة، “من خلال اعتيادي على مهنتي وحبي لعملي، أصبح لوقتي ويومي طابع خاص، كما أصبح لدي أصدقاء جدد ضمن الجمعية، تسعى كل واحدة منا لتمثيل دور المرأة السورية بصورتها الحقيقية، قوية وقادرة على التأقلم مع ظروف الحياة رغم قسوتها.
الداخل إلى المعرض المقام في صالة صغيرة تلفته الالوان المميزة، التي تشّع بالحياة قبل أن يتفحص قطعة الملابس التي تنبض بالأمل، والمعلقة على الجدران كلوحات فنية ملونة بألوان لا تشبه الحرب ولا العجز.
المعرض الفني هي التجربة الأولى لـ آمنة، التي غيرت مجرى حياتها وأكسبتها المزيد من الخبرات في الحياة العملية، لا مجال للاستلام في وجه الصعوبات، تقول آمنة وهي تحاول تحريك كرسيها باتجاه نافذتها “الحياة تفرض علينا أحيانا المستحيل للبقاء على سفينة النجاة”.