تشهد مدينة تدمر وقرى وبلدات البادية السورية توقف شبه تام في حركة الإعمار والبناء، نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء من جهة وسيطرة قيادات الميليشيات التابعة لقوات النظام على السوق من جهة أخرى.
مدينة تدمر الواقعة شرق حمص في وسط البادية السورية كانت قد تعرضت لدمار كبير، طال نحو 50% من منازل المدينة ومحالها التجارية، خلال المعارك الطاحنة التي دارت بين”داعش” وقوات النظام ومليشياته.
مصدر خاص لـ “سوريا1” قال إن مناطق البادية السورية بريف حمص الشرقي تعاني من ارتفاع كبير في أسعار الأسمنت والحديد ومواد البناء الأخرى، بسبب عدم أمان الطرقات التي تمر عبرها المواد من ريفي دمشق وحلب ومركز مدينة حمص، إضافة إلى سيطرة الميليشيات الإيرانية وقوات النظام على قطاع مواد البناء في المنطقة.
المصدر أوضح أن معظم تجار وموردي مواد البناء يخشون من إرسال البضائع إلى البادية السورية خوفاً من تعرضها للسطو المسلح، بسبب عدم استقرار تلك الطرقات التي تربط البادية بباقي المحافظات السورية، نتيجة عدة أسباب أمنية منها انتشار خلايا تنظيم “داعش”.
أبو محمود عامل بناء في مدينة تدمر – رفض الكشف عن اسمه الكامل – لأسباب أمنية، أوضح “لسوريا1” أن الورشة التي يعمل بها متوقفة عن العمل منذ مطلع تموز الماضي، بسبب إحجام الأهالي عن الإعمار في المدينة إثر الارتفاع الكبير لأسعار مواد البناء.
مضيفاً أن “ورشات” البناء والإكساء في قرى وبلدات البادية السورية متوقفة عن العمل أيضاً بشكل عام وفي بلدة السخنة ومدينة تدمر بريف حمص الشرقي بشكل خاص، نتيجة أزمة مواد البناء التي ضربت المنطقة.
أبو محمود أشار إلى تفاصيل ارتفاع الأسعار، مبيناً أن تكلفة إعمار الغرفة الواحدة في مدينة تدمر تصل إلى 4 ملايين ليرة سورية، وتكلفة الإكساء تتراوح بين الـ 2 إلى 3 ملايين ليرة، بينما كانت تكلفة إعمار الغرفة الواحدة أو المحل التجاري قبل بضعة أشهر نحو مليون ليرة سورية.
ضمن ذات السياق قال “فايز الناصر” صاحب “مكبس بلوك” في مدينة تدمر إنه توقف عن تصنيع البلوك منذ بداية الشهر المنصرم، وذلك نتيجة التوقف التام لعملية الشراء والإعمار بمدينة تدمر والقرى المجاورة لها شرق حمص.
مضيفاُ في حديثه لـ “سوريا1″، أن جميع أصحاب مكابس تصنيع البلوك البالغ عددها 5 لا يمكنهم نقل “البلوك – الطوب” إلى مدينة حمص أو دير الزور أو ريف حماة، بسبب ارتفاع أجور النقل ونقص المحروقات وارتفاع أسعارها، ما يحرمهم من إمكانية تعويض خسائرهم في مدينتهم تدمر .
السيطرة على تجارة مواد البناء من قبل ميليشيات إيرانية وأخرى تابعة للنظام
قيادين من ميليشيا “الدفاع الوطني” التابعة للنظام والفيلق الخامس المدعوم روسياً وبعض قيادات ميليشيا “حركة النجباء” الإيرانية سيطروا على تجارة وتوريد مواد البناء في مدن وبلدات البادية السورية عبر جلبها من المعامل بباقي المحافظات السورية، حسبما أكد مصدر مطلع لـ “سوريا1”.
المصدر قال إن قياديين من ميليشيا “الدفاع الوطني” احتكروا تقريباً توريد مواد البناء إلى معظم تجار ومعامل البادية السورية عبر شاحنات خاصة بالمليشيات تأتي بمواد البناء من باقي المحافظات السورية.
المصدر أشار إلى أن تكلفة نقل مواد البناء تحتسب على التجار، ما يؤدي إلى رفع أسعار أكياس الأسمنت والحديد إلى الضعف أحياناً، بسبب ارتفاع تكاليف النقل التي يتم وضعها من قبل قياديين في مليشيات تابعة للنظام.
استطرد المصدر حديثه قائلاً:” إن ميليشيا الدفاع الوطني وقياديين من الفيلق الخامس يستلمون ثمن البضائع من التجار مباشرة بعد وصول المواد المتفق عليها إلى مدينة تدمر وتسلمها من قبل التجار، لكن هناك طرق أخرى، حيث أن قياديين من “حركة النجباء” يأخذون ثمن البضائع مثل الحديد والأسمنت بعد بيعها من قبل التجار وذلك للحصول على المزيد من المال عبر احتساب نسبة إضافية من أرباح البيع، بخلاف تكاليف نقل المواد، التي يتم جلبها عادة من العراق مروراً بريف دير الزور ومن ثم إلى مدينة تدمر شرق حمص.
المصدر بيَّن أن الميليشيات الإيرانية والتابعة لقوات النظام وضعت واجهات مدنية لأعمالها التجارية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في البادية السورية، وذلك تجنباً لانكشاف أمرها وتعرضها للمساءلة من قبل القوات الروسية.
وخلال السنوات الماضية، تعرضت مدينة تدمر بريف حمص خلال المعارك التي دارت بين قوات النظام وتنظيم “داعش” لدمار كبير بنسبة تصل إلى 50%، كما ألحقت أضراراً كبيرة في المحال التجارية ومنازل المدنيين.